الجمعة، 3 يوليو 2015

عائق التقدم والرقى فى مصر " الامية "

بقلم/ علا سمير 
تعتبر الأمية من أهم وأخطر المشكلات التى تواجه الدول النامية فى الوقت الحاضر بأعتبارها مشكلة قومية ذات أبعاد متعددة اقتصادية ، اجتماعية ، سياسية ، وحضارية . فحالة الفقر التى تسود بعض المجتمعات لاتشير إلى نقص الثروات والأموال وأنما إلى ضعف درجة الوعى الثقافى والحضارى لهذه المجتمعات.
إن الأمية تسير قدماً بقدم مع الفقر والتخلف ، كما أن التفاوت بين الذين يملكون والذين لا يملكون ليس تفاوتاً مادياً فى حد ذاته ولكنه تفاوت تعليمى ، فالأفراد الذين لا يملكون مهارات ومعلومات أو معرفة مهنية لا يقدرون على رفع مستوى معيشتهم .

وهكذا فالقضاء على الأمية يودى إلى التخلص من الفقر، فالشخص المتعلم المثقف يكون أكثر إنتاجية ، ولذا أصبح الدور الذى يلعبه التعليم فى التنمية من الأهمية بحيث يمكن أعتبارهما مترادفين ، فالتعليم جزء من الصالح العام وعامل فى تطوير نوعية الحياة .
ومن هنا يمكن القول أن الأمية تعد أحدى ظواهر التخلف الاقتصادى ، الاجتماعى ، الثقافى ، والسياسى وعليه فإن القضاء على التخلف يتطلب أن تتضمن برامج التنمية العمل على محاربه الأمية حيث يأتى أرتفاع معدل الأمية فى مصر السبب الثانى بعد أرتفاع معدل النمو السكانى لتدنى ترتيب مصر فى تقرير التنمية البشرية العالمى ولسوء الحظ تعد مصر إحدى الدول التسع التى توجد بها أعلى معدلات الأمية فى العالم وهذا يفسر لماذا أصبحت الأمية قضية تنموية ملحة خلال العقود الثلاثة الماضية .

ولقد تعاظم أهتمام مصر كدولة نامية بقضية الأمية ، وآثارها السلبية عى مسيرة التنمية خاصة وأن العصر الحالى يعد عصر سيادة العلم وتطبيقاته المتعددة ، فالتنمية فى الأساس نتاج جهد البشر ، والثروة الحقيقية لأى مجتمع تكمن فى قدرته على تنمية موارده البشرية وحسن أستغلالها .
ولقد سارعت مصر منذ زمن بعيد إلى إصدار القوانين التى تحد من خطورة مشكلة الأمية ، وكانت البداية الرسمية لهذه التشريعات فى عام 1944 حيث شهد صدور القانون (110) والذى يعتبر أول تشريع رسمى يكافح الأمية ويعمل على نشر الثقافة الشعبية ، ثم توالت بعده العديد من القوانين والقرارات الهادفة إلى القضاء على الأمية .
أسباب تفشى الأمية فى مصر:
إن مشكلة الأمية فى مصر هى مشكلة مزمنة ومعقدة لاترجع إلى سبب واحد وأنما إلى أسباب متعددة ( تاريخية ، اجتماعية ، اقتصادية ، تربوية ....إلخ ) وبالتالى فإن الأمية فى مصر ليست نتيجة لسبب واحد بل هى نتيجة لمجموعة كبيرة من الاسباب ، من اهمها :
*عجز النظام التعليمى عن استيعاب جميع الأطفال الذين هم في سن التعليم الابتدائي ، وذلك بسبب ازدياد نمو السكان السريع من ناحية ، وقلة الموارد المالية المتاحة للعملية التعليمية .
*ارتفاع نسبة الفاقد التعليمى وما ينتج عنه من انخفاض في مستوى الكفاية الداخلية للنظام التعليمى وخاصة في المرحلة الابتدائيـة نتيجة لظاهـرتي الرسـوب والتسرب وتبين الدراسات أن هناك أسباباً كثيرة ومتداخلة لهذا التسرب ( اجتماعية واقتصادية ، وتربوية، ....) .
*عدم جدوى الإجراءات التي تتخذ بشأن مكافحة الأمية وتعليم الكبار ، وعدم ربط التنمية الثقافية والاجتماعية بالتنمية التربوية التعليمية .
*انهماك الأولاد المفرط في الأعمال المنزلية ولاسيما الفتيات مما لا يترك لهم وقتاً للدراسة في المدارس بالإضافة إلى ما يسببه لهم من إجهاد جسمي يعوقهم عن الدراسة .
*فقر الأسرة الاقتصادي مما يؤدي إلى عدم قدرة الآباء على سداد المصروفات المدرسية أو استخدام الأبناء للقيام ببعض الأعمال للمساهمة في تحمل نفقات الأسرة .
*عدم وجود علاقة بين النظام التربوي وحاجات البيئة الاقتصادية فكثير من الأولاد يتركون المدارس قبل الأوان بغرض استفادة الأسرة منهم للعمل .
*نقص شعور بعض المسئولين في مصر لفترة مضت بخطورة الأمية وبالتالى بذلهم جهود بسيطة بشكل لا يتماشى مع حجم المشكلة .
* عدم قيام أجهزة الأعلام المختلفة بدور فعال في توعية الأميين وحثهم على الالتحاق بفصول محو الأمية والإفادة من الفرص والإمكانات المتاحة لهم .
الآثار الناجمة عن الأمية فى مصر :
يترتب على الأمية العديد من الآثار والنتائج المدمرة للفرد والمجتمع ، ومن أهم تلك الآثار:
* صعوبة التعامل بين الشخص الأمى والآخرين فى المجتمع .
* عدم قدرة العامل الأمى على اتباع التعليمات الخاصة باستخدام الآلات الحديثة و الإدراك الواعى بأهمية الالتزام بقواعد الأمن الصناعى ، و زيادة مشكلات الإدارة مع العمال لفقـدان وسيلة الاتصال السهلة ، لهذا كان العمال الأميون أكثر العناصر فى الخروج على نظام المؤسسات وعدم احترام مواعيد العمل والتمرض والعصيان .
* تؤدى الأمية إلى انتشارالبطـالة والفقـر فى المجتمع .
* تعـوق الأمية نمو الأفراد اجتماعياً ، وبالتالى فهى تقضى على الحراك الاجتماعى بين أفراد المجتمع وطبقاته .
* صعوبة استغلال موارد الثروة المتاحة بالبلاد بسبب عدم توافر القدرات البشرية القادرة على ذلك .
* تؤدى الأمية إلى زيادة معدل النمو السكانى فهناك علاقة وثيقة بين الأمية والمشكلة السكانية .
* يؤدي الجهل بالقراءة والكتابة إلى إهمال أبسط القواعد الصحية، الأمر الذي يسهل انتقال أمراض خطيرة مثل الملاريا والكوليرا ونقص المناعة المكتسبة "الإيدز" .
* زيادة معدلات الانحراف والتطرف.
معدلات الأمية في مصر: 
يتأثر تقدير حجم الأمية في مصر بعدة مشاكل أهمها قلة البيانات وعدم دقتها وتعدد الاجهزة المسئولة عن جمع البيانات والمعلومات عن الأمية بشكل يقود إلى عدم تصور إجراءات التصحيح والعلاج .
وتعتبر الأمية في مصر من المشاكل التي تعوق برامج الدولة للتنمية والإصلاح فقد بلغت نسبة المتعلمين في مصر (حسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام 2006) 71.4% للبالغين (15 عام فأكثر) و 84.9% للشباب (من 15 إلى 24 عام) حسب إحصائيات 2004 ، والنسبة المقدّرة في 2005 لمن يسطيع القراءة والكتابة 83% من الذكور و 59.4% من الإناث طبقا لكتاب حقائق العالم.
ووفقا للإحصائيات الرسمية فإن عدد الأميين في مصر هو 17 مليون إنسان لعام 2006 حوالي (30%) إلا أن بعض المثقفين في مصر يرجح أن نسبة الأمية قد تصل إلى 50% من السكان ، و في إحصائية صادرة عن موسوعة الدول قدرت نسبة الأمية في مصر بحوالي 45% من السكان لعام2000 ، وأظهرت إحصائيات أخرى صادرة عن اليونيسكو لعام 2003 أن نسبة الأمية بين الذكور الذين يزيد عمرهم عن 15 عام في مصر هو 42% من السكان الذكور و 53% للأناث فوق سن 15 عام .
وتؤكد معظم الإحصا ئيات الرسمية وغير الرسمية أن نسبة الأمية فى مصر قد إنخفضت خلال الثلاثين عاماً الأخيرة بدرجة كبيرة ، حيث أوضحت نتــائج التعــدادات الأربعة الأخيرة 1976 ، 1986 ، 1996 ، 2006 . أن نسبة الأمية كانت 56.2 % ، 49.6 % ، 39.4 % ، 29.7 % على التوالى .
ووفقاً لنتائج التعداد العام للسكان 2006 ، فقد بلغ عدد الأميين 17.014 مليون أمى ، مـوزعين وفقــاًً للنـوع إلى 6.546 مليـون ذكـر بنسبــة 38.5 % مـن جملــة الأميين مقابل 10.468 مليون أنثى بنسبة 61.5 % . وتقسم أعداد الأميين إلى ثلاث مجموعات رئيسية :
المجموعــة الأولى للفئة ( من 10 لأقـل من 35 سنة ) تضـــم 5.8 مليـون أمـى بنسبة 34.3 % من إجمـالى عدد الأميين ، وهى المجموعة المستهدفة بالدرجة الأولى من برامج محو الأمية .
المجموعة الثانية للفئة ( من 35 لأقـل من 65 سنة ) تضم 9.2 مليـون أمــى تمثل بنسبة 54 % من إجمالى عدد الأميين وهى المجمــوعة الثانية المستهدفة من برامج محو الأمية .
المجموعة الثالثة للفئة ( أكبـر من 65 سنة ) وتضم 2 مليــون أمى تمثل نسبة 11.7 % من إجمالى عدد الأميين.
معوقات محوالأمية فى مصر :
*عدم الوعي السكاني بخطورة الأمية .
*إنخفاض الميزانية المخصصة لبرامج محو الأمية..
*عدم التعاون بين مؤسسات المجتمع لحل هذه المشكلة.
*سيطرة البيروقراطية والمركزية علي تلك البرامج .
*ضعف إقبال الدارسين وإحجام الأميين عن الالتحاق بفصول محو الأمية 
برامج محو الأمية فى مصر وأهدافها :
وضعت مصر العديد من البرامج والخطط لمحو الأمية إلا أن غالبية تلك الخطط لم تحقق ما كانت تصبو إليه من أهداف ، ويمكن حصر أهم أهداف خطط محو الأمية فى مصر للوقوف على مدى نجاحها أو فشلها فى تحقيق تلك الأهداف ، وتتمثل أهم أهداف خطط محو الأمية فى مصر فى :
*تحقيق الاستيعاب الكامل بقبول جميع الملزمين وعلاج ظاهرتى الرسوب والتسرب .
*إعطاء أولوية فى جهود الحملة القومية للأصغر سناً وللفئات المحرومة وبخاصة النساء وسكان الريف والبيئات الحضرية الفقيرة
*إلزام جميع الأميين فى الفئة العمرية ( 15 ـ 35 ) سنة بالالتحاق بفصول محو الأمية .
*تشجيع من هم أكبر من 35 سنة على الالتحاق بفصول محو الأمية وإتاحة الفرص التعليمية لهم مع مراعاة الفئات ذات الأولويـة .
*توعية الدارسـين بأمور دينهم وتقوية إيمانهم بعقيدتهم .
التوعية بأهمية الانتماء الوطنى والقومى .
*تحقيق نمو كامل للدارسين فى المجالات الفكرية والاجتماعية المختلفة .
*تزويد الدارسين بقدر مناسب من المعلومات التى تساعدهم على الانتفاع الواعى من التقدم العلمى المعاصر بما يساعدهم على محو أميتهم الحضارية .
*اكتساب الدارسين التكوينات المعرفية التى ترفع مستوى انتاجهم وتحسن ظروف معيشتهم .
إنّ الكفاح ضد الأميّة هو مهمّة الجميع ، و أن التزام الجميع بالتصدّي لأحد أهم عوامل التخلّف الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و السياسي ، و المتمثل في الأمية ، هو واجب تفرضه طبائع الأمور فلا تنمية و لا تطور و لا تقدم و لا ديمقراطية و لا استقرار مع وجود خطر الأمية وبالتالى فإن الكفاح ضد الأمية هو من أولى الأولويات ، ومحو الأمية هو أحد أهم شروط التنمية ذاتها ، و هو جزء لا يتجزأ من عملية التنمية نفسها ، وهو أيضا أحد ثمارها . فهل يستيقظ المجتمع المصرى من سباته قبل فوات الأوان أم تبقى الأمية مشكلة اليوم والغد والمستقبل ؟؟؟؟





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق