الخميس، 6 أغسطس 2015

من ام الدنيا لكل الدنيا " تاريخ قناة السويس "




كتبت : ايمان محمد

عندما قامت الثورة الفرنسية دخلت فرنسا في صراعات مسلحة دموية مع ممالك أوروبا واستطاعت الانتصار عليها إلا مملكة واحدة وهي انجلترا؛ أرادت فرنسا قطع طريق المستعمرات البريطانية في الهند باحتلال مصر فقامت الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798.

أعطت حكومة فرنسا أمراً لنابليون بونابرت بالقيام بحملة لحفر قناة تربط بين البحرين ولذا كانت تسمى قناة البحرين. فخرج نابليون من القاهرة ومعه مجموعة من المهندسين يرأسهم مهندس يدعي لوبير لمعاينة الموقع هندسياً عند السويس والبدء في الحفر.

إلا أن لوبير أقنع نابليون بالعدول عن المشروع لأنه اكتشف أن مستوى البحر الأحمر أعلى من مستوى البحر الأبيض، مما سيتسبب في غرق مصر كلها، عاد نابليون إلى القاهرة دون أن يحقق هدفه.

و في عصر محمد علي سنة 1832 عرضت عليه الفكرة من قبل مهندسين فرنسيين حصلوا على إذن منه بالذهاب إلى الموقع من جديد وتبين لهم أن البحرين مستويان وأن مهندس نابليون أخطأ الحساب والتقدير، إلا أن محمد علي رفض فكرة حفر القناة إلا بشرطين: أولهما أن تضمن القوى العظمى حيادية القناة، وبالتالي استقلال مصر، وثانيهما أن تمول القناة بالكامل من الخزانة المصرية، مما أظهر حنكة وبعد نظر محمد علي باشا في مسألة القناة، إلا أن الشرطين قوبلا بالرفض.

وبعد أن جاء سعيد باشا إلى سدة الحكم، في وقت كانت أسرة دي لسبس تعاني الفقر والعزلة لسقوط إمبراطورية نابليون، ركب ديليسبس أول سفينة متجهة للإسكندرية ليصلها في 7 نوفمبر 1854 والتقي بصديقه الخديوي سعيد في 11 نوفمبر، وعرض عليه مشروع حفر القناة الذي قبل فورا ، ما رفضه والده وكأن سعيداً أراد أن يعبر عن امتنانه لصديقه القديم ومنح الامتياز لفرديناند ديليسبس بحق إنشاء شركة لشق قناة السويس .

بدأت اعمال الحفر في عهد الخديوي سعيد يوم 25 أبريل 1859 ، تم حفر القناة عن طريق سواعد نحو مليون فلاح مصري ممن أجبروا على ترك حقولهم وقراهم لكي يشقوا الصحراء في أجواء من المرض والإهانة، مات خلالها أكثر من 120 ألف مصري أثناء عملية الحفر على إثر الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة، ومعظمهم لم يستدل على جثمانه ودفن في الصحراء أو تحت مياه القناة.

تم افتتاح القناة للملاحة في 17 يناير 1869، في عهد الخديوي إسماعيل الذي سافر إلى أوروبا في 17 مايو 1869 لدعوة الملوك والاباطرة والأمراء ورؤساء الحكومات لحضور حفل افتتاح القناة الذي عزم أن يقيمه في 17 نوفمبر 1869. 
وبعد أن عاد الخديوي إلى مصر بدأ في الإعداد للحفل الكبير ، وطلب من ديليسبس أن يقوم بالاستعدادات لضيافة ستة آلاف مدعو علي رأسهم الإمبراطورة أوجيني امبراطورة فرنسا ، وقد كان حفلا أسطوريا ووصلت الحفلة إلى مستوى فاق ما نسمعه عن حكايات ألف ليلة و ليلة.

ومرت في القناة جميع سفن العالم، دون أي عقبة ودون الحاجة إلى اتفاقية دولية لضمان حق المرور بالقناة .

إلا أنه بعد الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882 في أعقاب الثورة العرابية ، اغلقت قناة السويس امام الملاحة لمدة مؤقتة ، واجتمعت الدول الكبرى في باريس عن طريق لجنة دولية سنة 1885، لوضع وثيقة دولية لضمان حرية الملاحة في قناة السويس، لكن لم تستطع الدول المجتمعة أن تتفق على أحكام هذه الاتفاقية، وذلك حتى اجتمعت في القسطنطينية في أكتوبر 1888، حيث استطاعت أن تتفق ووقعت على اتفاقية خاصة بضمان حرية المرور في القناة .

وفي عام 1910 تقدمت شركة القنال بطلب للحكومة المصرية لمدة امتياز شركة قناة السويس الذي كان سينتهي في17 نوفمبر 1968 لمدة 40 سنة أخري تنتهي سنة 2008، وأيدت الحكومة البريطانية و سلطة الاحتلال مد الامتياز ، و لكن الحركة الوطنية المصرية بقيادة محمد فريد قادت هجوما كاسحا علي طلب المد و قلبت الرأي العام ضده ، وإزاء الضغط الشعبي رفضت الجمعية العمومية عرض تمديد امتياز شركة قناة السويس و بقي الامتياز قائما بشروطه.

نجحت ثورة يوليو 1952 في جلاء القوات البريطانية عن مصر، وقامت بتوقيع اتفاقية للجلاء عن قناة السويس فى 19 أكتوبر من عام 1954م ، و حددت الاتفاقية جلاء القوات البريطانية كاملا خلال عشرين شهرا عن منطقة قناة السويس ، مع ترك مرشدين للملاحة من المهندسين المدنيين البريطانيين وفى حالة وقوع أى اعتداء على مصر من الخارج تقوم الحكومة المصرية بالسماح لبريطانيا بالدفاع عن القناة بشرط انسحاب قواتها فور انتهاء القتال.

وفي 26 يوليو 1956 أعلن جمال عبد الناصر، قرار تأميم شركة قناة السويس وتحويلها إلى شركة مساهمة مصرية، وجاء قرار التأميم بسبب رفض البنك الدولي تمويل الحكومة المصرية لبناء السد العالي، وقامت هيئة المنتفعين بقناة السويس بسحب المرشدين الأجانب بالقناة .

وبسبب تأميم قناة السويس والذي منع إنجلترا حق التربح من القناة التي كانت تديرها قبل التأميم، ادي الي قيام العدوان الثلاثي (فرنسا ، انجلترا ، اسرائيل )علي مصر وعلي اثرها بدأ هجوم إسرائيلي يوم 29 أكتوبر 1956 ، ثم هاجمت الدولتان مصر وبدأت غاراتها الجوية على القاهرة، وعلى منطقتي القناة والإسكندرية.

وأصبحت مصر تحارب في جبهتين، جبهة إسرائيل على الحدود، وجبهة الاستعمار البريطاني الفرنسي في الداخل، الذي يهدد باحتلال القناة. 
ولكن العدوان فشل بسبب وقوف الدول العربية والعظمي الي جانب مصر . 
وبدأت بعد ذلك عملية تطهير القناة التي انتهت في 11 أبريل 1957، وتكلفت 8.5 مليون دولار.

واثناء العدوان أغلقت القناة للمرة الثانية لفترة وجيزة عام 1956، وأعيد فتحها في عام 1957.

وعقب حرب 1967 احتلت القوات الإسرائيلية شبه جزيرة سيناء حتى الضفة الشرقية لقناة السويس، ومنعو القوات المصرية من عبور القناة والاستحواذ على الضفة الشرقية، وأقاموا خطاً دفاعياً شديد التحصين واقيم على الحافة الشرقية للقناة على بعد عشرات من السنتيمترات من مياهها، واغلقت قناة السويس للمرة الثالثة بعد حرب يونيو 1967 واستمر حتى عام 1975 عندما وقعت مصر وإسرائيل اتفاق فض الاشتباك الثاني.

وفي يوم 6 أكتوبر 1973 قامت القوات المصرية بشن هجوم مباغت على القوات الإسرائيلية المحتلة بالضفة الشرقية للقناة، وعبر القناة 8,000 من الجنود المصريين، ثم توالي العبور ليصل عدد القوات المصرية على الضفة الشرقية إلى 60,000 جندي، وانجزت القوات المصرية في يوم 7 أكتوبر عبورها لقناة السويس، واقام المهندسين جسرين فوق مجرى القناة لعبور فرق المشاة.

ان مواصفات قناة السويس الفنية هي : طولها 193 كم ، وعمقها 24 متراً ، اما عرضها فهو بين 280متر في الجنوب و345 متر في الشمال ، وهناك عملية تنظيف مستمرة للقناة من الطمي .

وقد عبرت قناة السويس اكبر سفينة للحاويات الدنماركية «ميريت ميرسك» بحمولتها البالغة 200 ألف طن قادمة من البحر المتوسط في طريقها إلى البحر الأحمر وتحمل على متنها قرابة 18 ألفًا و270 حاوية ورافقتها قاطرة من قاطرات هيئة قناة السويس تحسبًا لحالات الطوارئ خلال رحلتها التي قاربت 13 ساعة

اما عن قناة السويس الجديدة هي عملية حفر تفريعه جديدة لقناة السويس من الكيلو متر 61 إلى الكيلو متر 95 بطول 35 كم يهدف المشروع إلى تلافي المشكلات القديمة لقناة السويس من توقف قافلة الشمال لمدة تزيد عن 11 ساعة ، ويسمح باستيعاب قناة السويس للسفن العملاقة بغاطس 65 قدم ، مما سيساهم في زيادة دخل القناة مستقبلاً .

تمت عمليات الحفر من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والتي استعانت بـ17 شركة وطنية مدنية تعمل تحت إشرافها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق